د. شوقى عبدالكريم علام

فقه: «فتبينوا.. اليوم العالمى للإفتاء»

السبت، 07 ديسمبر 2019 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اصطلح الناس على تخصيص بعض الأيام فى دورة السنة لبعض الأحداث والأشياء المهمة فى حياتهم، كيوم لذوى الاحتياجات الخاصة، ويوم لليتيم، ويوم لمناهضة العنف.. وهكذا، وتخصيص يوم لمثل هذه الأحداث وتلك الأمور لا بأس به، لزيادة الوعى لدى الأفراد فى المجتمع، والمشاركة المجتمعيّة حول القضيّة المطروحة فى ذلك اليوم.
 
وأمر الفتوى أمر مهم يشغل بال المسلم، لما ينبنى عليها من صحّة الأفعال التى يفعلها الإنسان، وكونها موافقة للأحكام الشرعية، لأنّ وظيفة الفتوى تبيان الحكم الشرعى للسائل، بناء على إدراك الواقع المعيش، بعد فهم النص الشرعى على وجهه الصحيح.
 
وقد عمل الفقهاء الأوائل، رحمهم الله تعالى، على وضع أسس وضوابط وشروط الإفتاء فى المسائل المخصوصة، ووضعوا كذلك أحكاما شرعية وقواعد أصوليّة مترتبة على معرفة حال كلٍّ من المفتى والمستفتى، كـ«قاعدة تغيّر الفتوى بتغيّر الزمان والمكان والأشخاص والأحوال»، و«قاعدة لا ينكر المختلف فيه»، و«قاعدة مذهب المستفتى مذهبُ مفتيه» إلى غير ذلك من القواعد المنثورة والمبثوثة فى كتب الفقه والأصول والقواعد.
 
والفتوى لها مجالات عمل، فمنها ما يتعلق بالشأن الخاص، ومنها ما يتعلّق بالشأن العام، ومع تطوّر حركة المجتمعات والدول أصبح للفتوى مؤسسات رسمية تفصل فى المسائل الشرعية الخاصة والعامة، وعلى رأس هذه المؤسسات «دار الإفتاء المصرية».
 
فى 15 ديسمبر من عام 2015م، وفى مؤتمرها الأوّل، أعلنت دار الإفتاء المصرية عن إنشاء ما عُرف بـ«الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم» ومقرّها جمهورية مصر العربية، تقوم وظيفتها الأساسيّة على التنسيق وتبادل الخبرات بين دور ومؤسسات الفتوى فى العالم، لما لذلك من دور كبير فى ضبط عمليّة الإفتاء بما يعزز من استقرار أمور الناس «الفرد، والأسرة، والمجتمع، والدول».
 
وفى المؤتمر الخامس للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم الذى كان بعنوان «الإدارة الحضارية للخلاف الفقهى» ارتأى المجتمعون تخصيص يوم عالمى للفتوى، وتمّ تحديد هذا اليوم على أن يكون الخامس عشر من ديسمبر من كلّ عام، وهو تاريخ إنشاء الأمانة العامة للإفتاء، وسيشهد ديسمبر هذا العام أول مرة تخصيص يوم عالمى للإفتاء.
 
وفى هذا الفضاء العالمى وسهولة الوصول للمعلومات أمكن لأى أحد أن يتحدث فى أى أمر شاء، سواء ما يتعلّق بشأنه الخاص، أو بشأن غيره، أو بالشأن العام، ونظرًا لهذه السيولة المعرفيّة والمعلوماتية، نشأت وانتشرت فوضى فى الفتاوى أدّت إلى زعزعت واستقرار المجتمعات، لما للشأن الديى بشكل عام من تأثير كبير فى العمران والاجتماع البشرى، والتنمية المجتمعية، وتحقيق السلم والاستقرار، أو العكس.
ولأنّ التعاون أفضل ما يمكن أن يحقق الاستقرار امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى بقوله:«وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ» «المائدة: 2»، أصبح من التعاون على البرّ فى عصرنا التعاون على التكامل العلمى بشكل عام والإفتائى بشكل خاص، وإصدار الفتاوى والتباحث الفقهى والشرعى حول المسائل التى تشغل بال المسلم فى حياته اليومية، والكشف عن المشكلات فى عالم الإفتاء اليوم، ومن ثمّ وضع حلول لها، وهذا ما تقوم به المؤسسات الإفتائية الداخلة 
تحت عباءة الأمانة العامة للإفتاء.
 
ومعالم هذا التعاون تتجلّى فى تكريس ضوابط للفتوى والاستفتاء، ومعايير قبول الفتوى، وتعزيز دور المؤسسات والهيئات والجهات الإفتائية فى أوساط الأمم والشعوب الإسلامية وحتى عند الجاليات المسلمة فى الغرب، والتنسيق بينها لتبادل الخبرات وتوجيه الجهود وجمع الكلمة على جدول أعمال واحد.
 
ولأجل هذا وغيره، تمّ تخصيص اليوم العالمى للإفتاء للتأكيد والتعريف بهذه المعانى، وترسيخها فى نفوس الإنسان المسلم، للحدّ من وتيرة الفتاوى المضللة، والآراء الشاذة، التى تعصف بالدول والشعوب والأسر والأفراد.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة